"الكارثة" هي الفظائع التي حلّت بالشعب اليهوديّ إبّان الحكم النازيّ في أوروبا في الفترة ما بين 30 يناير كانون الثاني 1933، عندما أصبح هتلر مستشارًا لألمانيا، حتّى 8 أيّار 1945 عندما انتهت الحرب العالميّة الثانية في أوروبا. خلال هذه الفترة منَ الزمن تعرّض اليهود في أوروبا إلى اضطهاد قاسٍ ومتزايد مِنْ قِبَل النظام النازيّ العنصريّ، انتهى بقتل 6 مليون يهوديّ وإبادة 5000 جالية يهوديّة.
يمكن التعامل مع مراحل مُختلفة للسياسة النازيّة العنصريّة في إبادة اليهود، ابتداءً مِن تسلُّم النازيّين للحكم في ألمانيا بقيادة أدولف هتلر عام 1933 وحتّى نهاية الحرب العالميّه الثانية عام 1945:
المرحلة الأولى: من عام 1933 وحتّى عام 1938، وتميزّت بالملاحقات والإجراءات ضدّ اليهود، وَبسَنِّ القوانين العنصريّة ضدّهم (قوانين نيرنبرغ)، وبلغت ذروتها في شهر تشرين الثاني عام 1938 بالأحداث المعروفة بِـ "ليل البلّور".
المرحلة الثانيّة: من أيلول 1939 وحتّى حزيران 1941، وتميّزت بتعمّق العداء المتجذِّر لليهود والّذي كان جزءًا لا يتجزّأ من الأيديولوجيّة النازيّة، إذ حُرِم اليهود حرمانًا تامًّا من أيّ حقٍّ منْ حقوق الإنسان والمواطنة، بالإضافة إلى إهانتهم وعزلهم واستغلال اليهود في العمل القسريّ وتجويعهم. ولبلوغ هذه الغايات تمّ جمع اليهود في "الجيتوات".
المرحلة الثالثة: الحلّ النهائيّ – ما بين 1941 إلى 1942، في هذه المرحلة بدأت عمليّة قتل اليهود لمجرّد يهوديّتهم دون تفريقٍ ولا تمييز، وهو ما يُعرَف بمخطّطِ الإبادة الشاملة لليهود وقد تبلورت عمليّة تنفيذهِ في مؤتمر "فانزه" والّذي أُوكلت مسؤوليّته إلى ال "أس .أس" و"الجستابو". وبعد كشف النّقاب عن أعمال الإبادة، رفع اليهود راية العصيان وخاصّة في جيتو وارسو.
المرحلة الرابعة: من 1943- 1945، شهدت هذه المرحلة تغييرًا في مسار الحرب اعتبارًا منْ ربيع عام 1943، بعد الهزيمة التي لحقت بألمانيا في معركة ستالنغراد، ولكن استمرت، بلا هوادة، عمليّة إبادة آخِر مَنْ تبقّى منَ اليهود في الجيتوات ومعسكرات الإبادة. واستمرّت القيادة النازيّة في تصعيد وتيرة مسيرة إبادة اليهود.
مع وصول النازيّين إلى الحكم أسرعوا إلى تعزيز نظامهم الدكتاتوريّ وإتمام البنية التحتيّة لقوّات ال "أس أس" والـ "جيستابو" من أجل الكشف عن الأعداء ومراقبتهم وإرسالهم إلى معسكرات الاعتقال، ومن ضمن هؤلاء الأعداء المعارضين، خُصّصت هذه المعسكرات أيضًا لليهود.
معَ استفحالِ الدعاية العنصريّة النازيّة زادَ اضطهاد اليهود واتُّخذت ضدّهم إجراءات، وقد وصل الأمر إلى صياغة تشريعات معادية لليهود، وهي "قوانين نيرنبرغ"، كأساس لعزل اليهود عنِ المجتمع الألمانيّ. ووصلت ذروة ذلك في 10 نوفمبر 1938، بالأحداث المعروفه بـ"ليل البلور" إذ قام النازيّون بأعمال سرقة ونهب وتدميرِ مساكن وأماكن عمل يهوديّة وإشعال النار في الكُنُس.
في سبتمبر أيلول 1939، هاجمت ألمانيا بولندا، وبدأت بذلك الحرب العالميّة الثانية وبعد ذلك بقليل، في سنة 1940 بدأ النازيّون بعزل يهود بولندا في أحياء ال"جيتو"، حيث فصلتهم الأسوار والأسلاك الشائكة عن بقيّة السكّان، وسهّلت هذه الإجراءات على النازيّين. فيما بعد، نقل اليهود إلى معسكرات الإبادة من أجل تنفيذ الحلّ النهائيّ.
وأُرغم اليهود المتواجدون في الـ"الجيتو" على ارتداء شارة نجمة داوود الصفراء للإشارة إلى يهوديّتهم، وكانت الظروف المعيشيّة في أحياء الـ"جيتو" قد تدهورت بسرعة، بسبب نقصٍ في الطعام والماء والخدمات الصحّيّة والأدوية، وسرعان ما توفّي عشرات الألوف نتيجة الجوع وتفشّي الأوبئة والأمراض المعدية.
في يناير 1942، قام النازيّون بتأسيس 6 مراكز لإبادة اليهود في بولندا. ونُقل اليهود من أحياء الـ"جيتو" ومراكز الاعتقال إلى معسكرات الإبادة بواسطة عربات القطار، وكانت معسكرات الإبادة في الواقع معامل لقتل اليهود.
وفي أواخر أيّام "الرايخ"، عندما تراجعت الجيوش الألمانيّة، قام النازيّون بسَوق السجناء الّذين ظلّوا على قيد الحياة في معسكرات الاعتقال إلى مناطق لا تزال تحت السيطرة الألمانيّة في نطاق ما أُطلق علية باسم "مسيرات الموت"، ومات أغلبيّتهم أو أُطلق عليهم الرصاص وهم في الطريق وقُضي على حوالي ربع مليون من اليهود نتيجة هذه المسيرات.